يشهد عالم السمعي البصري اليوم تقدما ملحوظا في تقنيات البث التي طغت عليها الرقمنة ، وأصبحت الكثير من الشبكات التلفزيونية العالمية تعتمد عليها ، وفي ظل الإنتقال الى كل ماهو رقمي أصبحت تكنولوجيا البث الرقمي الأرضي مطلوبة بكثرة ، لتحل محل التلفزيون التماثلي الذي سيعرف توقفا تدريجيا.
تعتمد هذه التكنولوجيا على تحويل الصوت والصورة إلى إشارات يتم استقبالها بواسطة هوائي التليفزيون الذي يقوم ذاتيا أو من خلال جهاز خارجي إضافي بفك الرموز المستقبلة، كما انه يستعمل التشفير بصيغة(MPEG2أو4)، بينما في البث التماثلي يتم تحويل الصوت والصورة إلى أمواج إلكترومغناطيسية.
و تتم عملية إستقبال البث الرقمي بإضافة ملحقات داخلية بسيطة لأجهزة الاستقبال التماثلية العادية ، مثل الهوائي من نوع UHF ونازع تشفير، كما أن هناك بعض أجهزة التلفزيون التي تحتوي على نازع تشفير مدمج.
للتلفزيون الرقمي الأرضي مزايا كثيرة نذكر منها :
- نقاء في الصوت ووضوح في الصورة.
- زيادة في حجم البرامج مع القدرة على إضافة باقات من القنوات الوطنية والقنوات المحلية.
- إمكانية بث عدد أكبر من القنوات و البرامج على نفس الموجة التي يستخدمها البث التماثلي حيث يمكن بث من 6إلى 8 قنوات على نفس الموجة في البث الرقمي .
- إمكانية إدماج قنوات فائقة الجودة .
التلفزيون الرقمي الأرضي في الجزائر
حصلت المؤسسة العمومية للبث الإذاعي و التلفزيوني(TDA) إثر مشاركتها في المؤتمر الجهوي للإتصالات الإذاعية 06- GE بجنيف على مخطط ترددي يتشكل من 06 إلى 08 قنوات تعادل من 06 إلى 08 مدمجات على مستوى التراب الوطني و كل مدمج يستطيع حمل حتى 06 برامج تلفزيونية.
وبناءا على ذلك بدأت المؤسسة بالإعداد لإقتناء وتنصيب محطات البث الرقمي الأرضي، وقد شرعت في تطبيق المرحلة الأولى .
هذه المرحلة تخص المشاهدين القاطنين بالتجمعات السكنية في المناطق التي تمسها تغطية أجهزة البث للمحطات التالية:
• كاف لكحل ( ولاية قسنطينة ) لتغطية المنطقة الشرقية .
• الشريعة( ولاية البليدة ) ، أكفادو ( ولاية بجاية)، برج البحري و بوزريعة ( ولاية الجزائر) لتغطية منطقة الوسط .
• تسالة ( ولاية سيدي بلعباس ) لتغطية المنطقة الغربية.
- المرحلة الثانية تسمح بتركيب خمس محطات بكل من مناطق برج البحري ، سيدي مسيد ، مغريس ،عين النسور ومشرية .
- المرحلة الثالثة تقتضي توسيع دائرة التغطية لتشمل أجزاء أخرى من الوطن ، وهذا مايسمح بتغطية من 80 إلى 85 % من الوطن، فيما ستتكفل مختلف وسائل البث الأخرى كالأقمار الصناعية بتغطية باقي المناطق الأخرى للوصول الى نسبة 100% من التغطية ، وقد تم وضع أجندة عمل لاقتناء أكبر عدد من أجهزة البث وإعادة البث للتلفزة الرقمية الأرضية بالجزائر.
إن العمل على تعميم مشروع التلفزيون الرقمي في الجزائر هو مهمة مشتركة بين مؤسسة البث الإذاعي والتلفزي ،مؤسسة التلفزيون الجزائري
تحت وصاية وزارة الأعلام والاتصال، ولكل طرف من هذه الأطراف الثلاثة مهمة يقوم بها.
فالتلفزيون الجزائري يكمن دوره في تحسين البرامج من حيث الكمية والنوعية وتوفير مواد إعلامية مفيدة وفق تصور مستقبلي وإستحداث قنوات أخرى جوارية ومحلية تصب في قالب التلفزيون الرقمي الأرضي .
أما وزارة الإعلام والإتصال فهي بمثابة الوصي على المؤسستين السابقتين من خلال إرساء قوانين ولجنات تشريعية ، لتجسيد فكرة المشروع في الجزائر حتى تضمن له السير الحسن، كما أن هناك طرفا آخر معني بهذا المشروع، وهو القطاع الصناعي ، الذي يتجلى دوره في تغيير نمط إنتاجه للأجهزة السمعية البصرية والإتجاه إلى صناعة كل ماهو رقمي، من أجل وضع المشاهد الجزائري في موضع العصرنة ومواكبة الرقمنة و توفيركل ما يتلاءم مع التكنولوجيات الجديدة .
مايمكن قوله ، أن التلفزيون الرقمي الأرضي يعد خيارا إستراتيجيا للجزائر، نظرا لقدرات هذه التكنولوجيا و إمتدادها ، ونجاح هذا المسعى يتطلب سياسة دعم وتشجيع للقطاع الصناعي الذي سيساهم في إنتاج الأجهزة الرقمية وكذلك الوصول إلى تكنولوجيا التلفزيون الفائق الجودة والتلفزيون النقال التي من شأنها إعطاء بعدا أخرا لمجال السمعي البصري الواسع .